حديث أم زرع :
بوب البخاري في صحيحه : باب حسن المعاشرة مع الأهل يقول : كيف يكون المسلم مع أهله في حسن المعاشرة وفي لين الجانب وفي السهولة ويسرالتعامل كيف يكون ثم أتى بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم مع عائشة فكان عليه الصلاة والسلام يأنس لحديث عائشة ويسألها عن أخبار الناس لأنها كما قال الزهري : كانت تحفظ ثمانية عشرألف بيت شعر
وكانت تحفظ أخبار العرب وما وقع أيام العرب وقصص العرب .
وفي مرة من المرات جلس عليه الصلاة والسلام مستريحاً هادئ البال مطمئن النفس فأخذ يداعب ويمازح زوجته المبرأة الطاهرة الصديقة بنت الصديق وهذا الحديث الذي سنذكره هو من كلام عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وعن سائر الصحابة أجمعين تقول : جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبارأزواجهن شيئاً وهؤلاء النساء .
قال أبو محمد بن حزم الظاهري : هن من خثعم وهي من قبائل الجنوب الشهيرة .
وقال بعضهم : هن من اليمن .
قال بعضهم : ولا يهمنا أن يَكُنَّ من اليمن أومن غطفان الفائدة أنهن جلسن .
المهم أن النسوة جلسن وليس معهن رجال وهذا مجلس للنساء خاصة وعددهن إحدى عشرة امرأة وسوف تتكلم كل امرأة بوصف زوجها تصفه لأخواتها وزميلاتها وقريناتها والداهية الدهياء أن بعضهن ستمدح وبعضهن ستذم وبعضهن ستتوسط .
يقول ابن حجر : وغالب أحاديث النساء إذا خلون تكون عن الرجال وغالب أحاديث الرجال عن المعيشة والمال وهذا أمرٌمعلوم إلا في النادر كان لكل واحدة منهن زوج وتبدأ الأولى والذي يستمع لهذه الأخبارهو محمد عليه الصلاة والسلام والتي تتكلم عائشة وهي من أحفظ الناس ومن علماء الصحابة وكان يعود إليها الصحابة في كثير من القضايا الفقهية والحديثية فهي فقيهة مجتهدة اجتهاداً مطلقاً رضي الله عنها وأرضاها .
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ
مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا .
قَالَتِ الْأُولَى : زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ .
قَالَتِ الثَّانِيَةُ : زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ .
قَالَتِ الثَّالِثَةُ : زَوْجِي الْعَشَنَّقُ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ .
قَالَتِ الرَّابِعَةُ : زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ .
قَالَتِ الْخَامِسَةُ : زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ .
قَالَتِ السَّادِسَةُ : زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ .
قَالَتِ السَّابِعَةُ : زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ شَجَّكِ أَوْفَلَّكِ أَوْجَمَعَ كُلًّا لَكِ .
قَالَتِ الثَّامِنَةُ : زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ .
قَالَتِ التَّاسِعَةُ : زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ .
قَالَتِ الْعَاشِرَةُ : زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ .
قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ .
هذا الحديث من أعقد وأغرب الأحاديث في كتب السنة وقد شرحه ما يقارب عشرة من العلماء كل شرح في مجلد وأعظم من شرحه القاضي عياض قاضي المغرب وعالمها
وابن حجر: شرحه فيما يقارب ثلاثين صفحة وهو حديث عجيب فيه فوائد جمة سوف نستعرضها أثناء الشرح والآن حان أوان الشروع في المقصود فبالله التوفيق وعليه السداد .